خواطر

حين يشفى القلب من الوجع

بقلم/نشأت البسيوني

هناك شفاء لا يرى
يحدث بصمت عميق داخلنا
حين يهدأ كل ما كان يوجعنا
وحين نكتشف أننا لم نعد نرتجف كلما تذكرنا من خذلونا
ولا نحزن حين تمر بنا الأماكن القديمة
ولا نبكي كما كنا من قبل
إنه الشفاء الذي لا يعلن
لكنه يحس يشم كعطر جديد في صباح قديم
حين يشفى القلب من الوجع
ندرك أن الألم لم يكن لعنتنا
بل طريقنا إلى النضج
إلى الصبر إلى الصفاء
ندرك أن الله لم يوجعنا عبثا
بل كان يربينا على الحكمة
ويعلمنا كيف نحب دون أن نؤذى
وكيف نعطي دون أن ننتظر
وكيف نعيش دون أن نتعلق
الشفاء لا يأتي فجأة
بل يأتي على هيئة ليال طويلة من البكاء
وصباحات مليئة بالصمت
وأحاديث مع النفس تقترب من الدعاء
ثم في لحظة ما
تشعر أنك بخير دون سبب
أنك لم تعد تفتقد أحدا
ولم تعد تكره أحدا
أن السلام حل محل الغضب
وأن الوجع الذي كان يثقلك
صار خفيفا كنسمة تمر ولا تترك أثرا
حين يشفى القلب من الوجع
تتبدل نظرتك لكل شيء
لا تعود تتشبث بما يرحل
ولا تلهث خلف ما لا يكتب لك
تتعلم أن تسامح
أن تغلق الأبواب برفق
أن تبتسم في وجه الذكريات دون أن توجعك
فأنت الآن تعرف أن ما كتبه الله خير
وأن كل وجع كان يحمل في طياته دواءه
يا صديقي
حين يشفى القلب لا ينسى
لكنه يتصالح مع الماضي
يقبله كما هو
ويفهم أن بعض الجراح كانت ضرورية
لكي يتعلم كيف يحب نفسه أولا
وكيف يختار من يستحق البقاء
وفي النهاية
حين يشفى القلب من الوجع
يولد في داخلك إنسان جديد
هادئ كالغيم نقي كالمطر
لا ينتظر شيئا من أحد
ولا يخاف الفقد بعد الآن
فقد تعلم أن القوة ليست في عدم الانكسار
بل في النهوض بعد كل انكسار
بابتسامة تشبه الغفران
وبقلب شفى الله ما كان فيه من وجع

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات متعلقة

خواطر

احلام الخيال