مقال

جابر ما بين العناق والشعير

جابر ما بين العناق والشعير
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد الله الذي أسكن عباده هذه الدار وجعلها لهم منزلة سفر من الأسفار وجعل الدار الآخرة هي دار القرار، فسبحان من يخلق ما يشاء ويختار ويرفق بعباده الأبرار في جميع الأقطار وسبق رحمته بعباده غضبه وهو الرحيم الغفار، أحمده على نعمه الغزار وأشكره وفضله على من شكر مدرار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد القهار، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المختار، الرسول المبعوث بالتبشير والإنذار صلى الله عليه وسلم صلاة تتجدد بركاتها بالعشي والأبكار، أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية في حديث الرجل الذي أزال غصن شوك من الطريق، فهو يتقلب في الجنة ونعيمها، لم ينل ما نال بصورة العمل، وهو إماطة غصن الشوك عن الطريق، ولكن ما كان في قلبه من حب الخير للناس، وكف الأذى عنهم، فإنه الإحساس بالآخرين.

وهذا جاء صريحا في بعض روايات الحديث الشريف ” رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس” وفي روية ” فقال والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم” ومن محبة الخير للناس النصح لهم، ودلالتهم على ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وكذلك الدعاء لهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من استغفر للمؤمنين وللمؤمنات، كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة ” ولقد كان الصحابة يحفرون الخندق، وكانوا يضعون الحجر على بطونهم من الجوع، فيقول جابر فحفرنا الخندق فعرضت لنا كدية وهي صخرة فنزل رسول الله صلي الله عليه وسلم بالمعول، فأخذه فضرب فشظ له شظية من نار، أو من نور، أو من بارق، فقال لقد أريت قصور كسرى يفتحها الله علي، فتغامز المنافقون أحدهم دق صاحبه وغمزه.

وقال اسمع يفتح الله عليه قصور كسرى، ونحن أحدنا لا يستطيع أن يبول من الخوف، ثم يضرب صلى الله عليه وسلم الضربة الثانية فيلمع نور وهاج، فيقول لقد أريت قصور الحيرة، وقيل المناذرة، وقيل القياصرة يفتحها الله علي، وأُريت الكنزين الأبيض والأحمر، وسوف يفتحها الله على أمتي، فيتغامزون، ويذكر الله هذا القصص عنهم وهم يقولون ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا، لكن بعد سنوات يفتح الله تعالي عليه قصور كسرى وقيصر، وتدخل جيوشه مهللة مكبرة، فاتحة منتصرة، وتعطى أمته الذهب والفضة، فلما حفروا رأى جابر بن عبد الله الجوع بالمصطفى صلي الله عليه وسلم وعلى بطنه حجران، فعاد جابر فتذكر هل في بيته طعام، فتذكر عناقا صغيرة وشيئا من شعير، فذهب إلى زوجته، فقال هل من طعام؟ قالت هذه العناق والعناق هي ولد الماعز.

فرآه جابر فقال لامرأته اصنعي هذا الشعير طعاما وذبح العناق ووضعها في القدر، وعاد إلى الرسول صلي الله عليه وسلم وقال يا رسول الله معي طعام يكفي اثنين أو ثلاثة، ويقول ذلك في أذني رسول الله صلي الله عليه وسلم تكلم معه بالسر لأن المسألة لا تتحمل أكثر من أربعة، طعام قليل وأهل الخندق لو سمعوا وانتشر الخبر، لأنت الداهية، سبعمائة أو أكثر من أهل الخندق، وهم في جوع لا يعلمه إلا الله، فقال يا رسول الله أريد معك اثنين أو ثلاثة، عندي طعام قليل، فقال صلي الله عليه وسلم يا أهل الخندق ورفع صوته إن جابر بن عبد الله قد صنع لكم طعاما فحيهلا بكم، فوضعوا المساحي وقاموا يمشون إلى بيت جابر، وأما جابر فأسقط في يده، وذهب يفكر، مرة يقول يمكن أن الرسول صلي الله عليه وسلم ظن أني أريد الناس، ومرة لا يدري، فوصل إلى امرأته يبشرها بهذا الجيش العرمرم.

قالت الله ورسوله أعلم، فتقدم صلي الله عليه وسلم أمام الناس والحديث عند البخاري ومسلم وهو يتبسم صلى الله عليه وسلم من الواقع والحدث الذي في البيت، ومما في نفس جابر ونفس امرأته، وقال صلي الله عليه وسلم يا جابر لا تضع البرمة على النار ولا القدر وهو القدر فيه الطعام، والبرمة فيها اللحم فتقدم صلى الله عليه وسلم إلى اللحم ونفث فيه من ريقه الطيب الطاهر، فنفث في الطعام صلي الله عليه وسلم وأمر بإنزاله، ودعا الله بالبركة، وقال صلي الله عليه وسلم أدخلهم عشرة عشرة، فدخلوا فدخلوا فأكلوا وقاموا، ثم أتى الآخرون فأكلوا وقاموا، حتى انتهى الجميع والطعام بحاله ما نقص لقمة، فأتى صلى الله عليه وسلم وقال لجابر تعالي، وأخذ يأكل، وهو يقول أشهد أني رسول الله، نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبحديث سيد المرسلين وغفر لي ولكم ولسائر المسلمين أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

sdytm165@gmail.com

About Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *