
كتبت منال شوقي
تتدفق كل عام كميات هائلة من مياه الأمطار والسيول عبر الأودية الجبلية على امتداد الصحراء الشرقية بطول نحو ١١٠٠ كيلومتر، من الزعفرانة شمالًا حتى حلايب وشلاتين جنوبًا، فى مشهد مبهر وخطر في الوقت نفسه. ومع ذلك، لا يتم الاستفادة إلا بكميات قليلة من هذه المياه، بينما تذهب البقية الأكبر إلى البحر مباشرة، أو يتم تصريفها عبر فتحات على الطريق الساحلى.
جدير بالذكر أن دعوات الخبراء جاءت لتضمين الأودية الجبلية ضمن خطة عاجلة لوزارة الرى لإنشاء سدود وبحيرات لتخزين هذه الكميات المهدرة، خاصة مع استمرار تقلبات الطقس وازدياد حدة الأمطار، فالخيارات أمام البحر الأحمر واضحة: إما أن تبقى السيول خطرًا متكررًا كل عام، أو تتحول إلى مورد دائم للحياة ومصدر استراتيجى يعزز الأمن المائى فى واحدة من أهم المحافظات.
أيضا وجدنا أن السيول التى شهدها جنوب البحر الأحمر مؤخرًا كشفت أن المحافظة تمتلك واحدة من أكبر «خزانات المياه المهدرة» فى مصر، لكن ما يُستفاد منها لا يتجاوز نسبة ضئيلة، بينما الباقى يصب فى البحر خلال دقائق. ومع كل موجة سيول، يتجدد السؤال الأكثر إلحاحا علينا
متي ستكون هناك خططا مدروسه للاستفاده من السيول و هل يمكن تحويل هذه السيول، التى تُعتبر خطرًا، إلى مصدر دائم للمياه يمكن الاعتماد عليه طوال العام من خلال التوسع فى سدود وبحيرات التخزين؟.
وبينما تواصل معدات الأجهزة المحلية فتح الطرق وإزالة الإطماءات، يبقى الأمل فى تحويل هذه المشاهد التي نراها سنويا من «كارثة موسمية» إلى «منظومة حصاد» يستفاد فيها من كل متر واحد من المياه، وتبقى كل قطرة داخل الأرض بدلا من أن تلتهمها الأمواج.
وقد وأكد دكتور أيمن طاهر، الاستشاري البيئى، أن السيول ليست عدوا بطبيعتها، بل هي ظاهرة طبيعية يمكن تحويلها إلى «مخزن مائى استراتيجي» إذا تم التعامل معها بإيجابيةوتخطيط
وأوضح أن أهم مشكلة فى البحر الأحمر هى سرعة جريان السيول، حيث إن الجبال التى يزيد ارتفاع بعضها عن ألف متر تجعل اندفاع المياه عنيفًا بسرعة تتجاوز ٦٠ كيلومترًا فى الساعة، ما يجعل السدود التقليدية غير كافية. لذلك يوصى بإنشاء سلسلة سدود داخل الوادى نفسه، تشمل سد تهدئة، أحواض ترسيب، سد تخزين رئيسى، وبوابات تحكم لتوجيه الفائض. وبدون هذا التسلسل، لا يمكن تخزين نصف الكمية، ويذهب معظمها إلى البحر بينما يعانى البدو فى بعض المناطق من نقص المياه طوال الصيف.
انفعالات الأهالى تؤكد فعالية بعض السدود القائمة وفى الشيخ الشاذلى وجدنا نجاح السدود الترابية التى أقامتها وزارة الرى فى حجز كمية كبيرة من المياه، ما رفع منسوب المياه الجوفية خلال السنوات الماضية. حيث يقول عبد الله موسى وهو من قبائل العبابدة: «الأرض شربت المياه، وفى انتظار اخضرار الوديان كلها بعد المطر. الماء ده لو اتعاملنا معه صح هيكفينا شهور.
وعلي صعيد آخر نجد أنه في سفاجا تم التعامل بصوره إيجابية من اقامه بعض المشاريع كبناء السدود والبحيرات وأيضا في الزعفرانه والشيخ الشاذلي قاموا ببناء السدود واقامه البحيرات .
وقد أثبتت هذه المنشآت قوتها خلال موجة السيول الأخيرة فى مرسى علم، الشيخ الشاذلى، برنيس، وشلاتين، إذ امتلأت البحيرات التخزينية ومنعت تدفق ملايين الأمتار المكعبة نحو القرى والطرق، بينما تعمل الوزارة حاليًا على خطة توسعية تشمل إنشاء سدود إضافية وصيانة دورية للمنشآت القائمة لضمان مواجهة موجات السيول المتزايدة التي تتعرض لها محافظات البحر الاحمر

